قصة بن زي يزن
في صحبة من يثق باحتماله لنظرهم إليه بعين الرضى ولصحة إدلاله فلذلك تحسن خلقه لرياضة نفسه على الصبر والاحتمال فهذا حسن من التأويل غير أن الحديث مختلف في لفظه فقد روي فيه سافر مع قومك وذكر الروايتين أبو عمر رحمه الله .
وذكر في الحديث عمرو بن لحي وأنه أول من بحر البحيرة وقد روي أيضا أن أول من بحر البحيرة رجل من بني مدلج كانت له ناقتان فجدع آذانهما وحرم ألبانهما . قال رسول الله صلى
رواه ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر مرسلا ولم يقع في رواية البكائي عنه .
أول ما كانت عبادة الحجارة
قال ابن هشام حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره فلما قدم مآب من أرض البلقاء وبها يومئذ العماليق وهم ولد عملاق . ويقال عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون قالوا له هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم أفلا تعطونني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه فأعطوه صنما يقال له هبل فقدم به مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه .
يقال لكل صنم من حجر أو غيره صنم ولا يقال وثن إلا لما كان من غير صخرة كالنحاس ونحوه وكان عمرو بن لحي حين غلبت خزاعة على البيت ونفت جرهم عن مكة قد جعلته العرب ربا لا يبتدع لهم بدعة إلا اتخذوها شرعة لأنه كان يطعم الناس ويكسو في الموسم فربما نحر في الموسم عشرة آلاف بدنة وكسا عشرة آلاف حلة حتى قيل إنه اللاتي الذي يلت السويق للحجيج على صخرة معروفة تسمى صخرة اللاتي ويقال إن الذي يلت كان من ثقيف فلما ماټ قال لهم عمرو إنه لم يمت ولكن دخل في الصخرة ثم أمرهم بعبادتها وأن يبنوا عليها بيتا يسمى اللاتي ويقال دام أمره وأمر ولده على هذا بمكة ثلاثمائة سنة فلما هلك سميت تلك الصخرة اللاتي مخففة التاء واتخذ صنما يعبد وقد ذكر ابن إسحاق أنه أول من أدخل الأصنام الحرم وحمل الناس على عبادتها وسيأتي ذكر إساف ونائلة وما كان منه في أمرهما .
وكان شكر القوم عند المنن كي الصحيحات وفقأ الأعين
وكانت التلبية من عهد إبراهيم لبيك لا شريك لك لبيك حتى كان عمرو بن لحي فبينما هو يلبي تمثل له الشيطان في صورة شيخ يلبي معه فقال عمرو لبيك لا شريك لك فقال الشيخ إلا شريكا هو لك فأنكر ذلك عمرو وقال ما هذا فقال الشيخ قل تملكه وما ملك فإنه لا بأس بهذا فقالها عمرو فدانت بها العرب
وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها قص الله تبارك وتعالى خبرها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا نوح 22 23
وذكر ابن إسحاق ما كان في قوم نوح ومن قبلهم من عبادة الأصنام وتلك هي الجاهلية الأولى التي ذكر الله في القرآن في قوله ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى الأحزاب 33 وكان بدء ذلك في عهد مهلايل بن قينان فيما ذكروا
وقد ذكر البخاري عن ابن عباس قال صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد وهي أسماء قوم صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسونها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنوسخ العلم عبدت
وذكر الطبري هذا المعنى وزاد أن سواعا كان ابن شيث وأن يغوث كان ابن سواع وكذلك يعوق
ونسر كلما هلك الأول صورت صورته وعظمت لموضعه من الدين ولما عهدوا في دعائه من الإجابة فلم يزالوا هكذا حتى خلفت الخلوف وقالوا ما عظم هؤلاء آباؤنا إلا لأنها ترزق وتنفع وتضر واتخذوها آلهة وهذه أسماء سريانية وقعت إلى الهند فسموا بها أصنامهم التي زعموا أنها صور الدراري السبعة وربما كلمتهم الجن من جوفها ففتنتهم ثم أدخلها إلى العرب عمرو بن لحي كما ذكر أو غيره وعلمهم تلك الأسماء وألقاها الشيطان على ألسنتهم موافقة لما كانوا في عهد نوح .
أصنام القبائل العربية
فكان الذين اتخذوا تلك الأصنام من ولد إسماعيل وغيرهم وسموا بأسمائهم حين فارقوا دين إسماعيل هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر اتخذوا سواعا فكان لهم برهاط . وكلب بن وبرة من قضاعة اتخذوا ودا بدومة الجندل . قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك الأنصاري.
وننسى اللات والعزى وودا ونسلبها القلائد والشنوفا
قال ابن هشام وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها في موضعها إن شاء الله .
قال ابن هشام وكلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة .
قال ابن إسحاق وأنعم من طيئ وأهل جرش من مذحج اتخذوا يغوث بجرش .
قال ابن هشام ويقال أنعم. وطيئ بن أدد بن مالك ومالك مذحج بن أدد ويقال طيئ بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ.
قال ابن إسحاق وخيوان بطن من همدان اتخذوا يعوق بأرض همدان من أرض اليمن. قال ابن هشام وقال مالك بن نمط الهمداني
يريش الله في الدنيا ويبري ولا يبري يعوق ولا يريش
وهذا البيت في أبيات له
قال ابن هشام اسم همدان أوسلة بن مالك بن زيد بن ربيعة بن أوسلة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ويقال أوسلة بن زيد بن أوسلة بن الخيار . ويقال همدان بن أوسلة بن ربيعة بن مالك بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ .
قال ابن إسحاق وذو الكلاع من حمير اتخذوا نسرا بأرض حمير .
وكان لخولان صنم يقال له عميانس بأرض خولان يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسما بينه وبين الله بزعمهم فما دخل في حق عميانس من حق الله تعالى الذي سموه له تركوه له وما دخل في حق الله تعالى من حق عميانس ردوه عليه وهم بطن من خولان يقال لهم الأديم وفيهم أنزل الله تبارك وتعالى فيما يذكرون وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون الأنعام 136 .
قال ابن هشام خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ويقال خولان بن عمرو بن مرة بن أدد بن زيد بن مهسع بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ ويقال خولان بن عمرو بن سعد العشيرة بن مذحج .
قال ابن إسحاق وكان لبني ملكان بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر صنم يقال له سعد صخرة بفلاة من أرضهم طويلة فأقبل رجل من بني ملكان بإبل له مؤبلة ليقفها عليه التماس بركته فيما يزعم فلما رأته الإبل وكانت مرعية لا تركب وكان يهراق عليه الډماء نفرت منه فذهبت في كل وجه وڠضب ربها الملكاني فأخذ حجرا فرماه به ثم قال لا بارك الله فيك نفرت علي إبلي ثم خرج في طلبها حتى جمعها فلما اجتمعت له قال
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا فشتتنا سعد فلا نحن من سعد
وهل سعد إلا صخرة بتنوفة من الأرض لا تدعو لغي ولا رشد
وكان في دوس صنم لعمرو بن حممة الدوسي .
قال ابن هشام سأذكر حديثه في موضعه إن شاء الله .
ودوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأسد بن الغوث . ويقال دوس بن عبد الله بن زهران بن الأسد بن الغوث .
وذكر ابن إسحاق أن كلب بن وبرة من قضاعة. وبرة بسكون الباء تقيد في نسخة الشيخ وهي الأنثى من الوبر اتخذوا ودا في دومة الجندل ودومة هذه بضم الدال ذكروا أنها سميت بدومى بني إسماعيل كان نزلها ودومة أخرى بضم الدال عند الكوفة ودومة بفتح الدال أخرى مذكورة في أخبار الردة كذا وجدته للبكري في معجم ما استعجم مقيدا في أسماء هذه المواضع .
وذكر طيئ بن أدد أو ابن مالك بن أدد على الخلاف ومالك هو مذحج وسموا مذحجا بأكمة نزلوا إليها . وطي من الطاءة وهي بعد الذهاب في الأرض. قاله ابن جني ولم يرض قول القتبي إنه أول من طوى المناهل لأن طيئا مهموز وطويت غير مهموز. وذكر جرش في مذحج.
والمعروف أنهم في حمير وأن
مذحج من كهلان بن سبأ ويقال إن الملك كان لكهلان بعد حمير وأن ملكه دام ثلاثمائة سنة ثم عاد في بني حمير قاله المسعودي .
وذكر الدارقطني أن جرش وحرش بالحاء