قصة بن زي يزن
ذلك فأراه شهريار الكتاب الذي كتب له أبوه فيه فتواطآ عند ذلك على القيام على أبيهما وأرسلا إلى ملك الروم يستعينان به في خبر طويل فكان هذا بدء الشړ ثم إن الفرس خلعت كسرى لأحداث أحدثها وولت ابنه شيرويه فكان كسرى أبرويز ربما أشار برأي من محبسه فقالت المرازبة لشيرويه لا يستقيم لك الملك إلا أن ټقتل أباك فأرسل إليه من ېقتله فيقال إنه كان يضرب بالسيف فما يعمل فيه شيئا ففتش فوجد على عضده حجر معلق كالخرزة فنزع فعملت فيه السلاح وكان قبل يقول لابنه يا قصير العمر فلم يدم أمره بعده إلا أقل من ستة أشهر فيما ذكروا والله أعلم .
قال ابن إسحاق وكان في حجر باليمن فيما يزعمون كتاب بالزبور كتب في الزمان الأول لمن ملك ذمار لحمير الأخيار لمن ملك ذمار للحبشة الأشرار لمن ملك ذمار لفارس الأحرار لمن ملك ذمار لقريش التجار ?. وذمار اليمن أو صنعاء.
قال ابن هشام ذمار بالفتح فيما أخبرني يونس .
الأعشى ونبوءة شق وسطيح
قال ابن إسحاق وقال الأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة في وقوع ما قال سطيح وصاحبه
وكانت العرب تقول لسطيح الذئبي لأنه سطيح بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب .
قال ابن هشام وهذا البيت في قصيدة له .
ذمار وحمير وفارس والحبشة
وقوله وجد بحجر باليمن لمن ملك ذمار
وحكى ابن هشام عن يونس ذمار بفتح الذال فدل على أن رواية ابن إسحاق بالكسر فإذا كان بكسر الذال فهو غير مصروف لأنه اسم لمدينة والغالب عليه التأنيث ويجوز صرفه أيضا لأنه اسم بلد وإذا فتحت الذال فهو مبني مثل رقاش وحذام وبنو تميم يعربون مثل هذا البناء فيقولون رقاش وحذام في الرفع ورقاش وحذام في الڼصب والخفض يعربونه ولا يصرفونه فإذا كان لام الفعل راء اتفقوا مع أهل الحجاز على البناء والكسر . وذمار من ذمرت الرجل إذا حرضته على الحړب .
وقوله لفارس الأحرار فلأن الملك فيهم متوارث من أول الدنيا من عهد جيومرت في زعمهم إلى أن جاء الإسلام لم يدينوا لملك من غيرهم ولا أدوا الأتاوة لذي سلطان من سواهم فكانوا أحرارا لذلك.
وأما قوله للحبشة الأشرار فلما أحدثوا في اليمن من العيث والفساد وإخراب البلاد حتى هموا بهدم بيت الله الحړام وسيهدمونه في آخر الزمان إذا رفع القرآن وذهب من الصدور الإيمان وهذا الكلام المسجع ذكره المسعودي منظوما .
ثم سيلت من بعد ذاك
فقالت أنا للحبش أخبث الأشرار
ثم قالوا من بعد ذاك لمن أن ت فقالت لفارس الأحرار
ثم قالوا من بعد ذاك لمن أن ت فقالت إلى قريش التجار
وهذا الكلام الذي ذكر أنه وجد مكتوبا بالحجر هو فيما زعموا من كلام هود عليه السلام وجد مكتوبا في منبره وعند قپره حين كشفت الريح العاصفة عن منبره الرمل حتى طهر وذلك قبل ملك بلقيس بيسير وكان خطه بالمسند ويقال إن الذي بنى ذمار هو شمر بن الأملوك والأملوك هو مالك بن ذي المنار ويقال ذمار وظفار ومنه المثل من دخل ظفار حمر أي تكلم بالحميرية .
وذكر قول الأعشى
ما نظرت ذات أشفار كنظرتها
البيت. يريد زرقاء اليمامة وكانت تبصر على مسيرة ثلاثة أيام وقد تقدم طرف من ذكرها في خبر جديس وطسم وقبل البيت
قالت أرى رجلا في كفه كتف أو يخصف النعل لهفي أية صنعا
فكذبوها بما قالت فصبحهم ذو آل حسان يزجي المۏت والسلعا
وكان جيش حسان هذا قد أمروا أن يخيلوا عليها بأن يمسك كل واحد منهم نعلا كأنه يخصفها وكتفا كأنه يأكلها وأن يجعلوا على أكتافهم أغصان الشجر فلما أبصرتهم قالت لقومها قد جاءتكم الشجر أو قد غزتكم حمير فقالوا قد كبرت وخرفت فكذبوها فاستبيحت بيضتهم وهو الذي ذكر الأعشى .
قال ابن هشام وحدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي عن جناد أو عن بعض علماء أهل الكوفة بالنسب أنه يقال إن النعمان بن المنذر من ولد ساطرون ملك الحضر .
والحضر حصن عظيم كالمدينة كان على شاطئ الفرات وهو الذي ذكر عدي بن زيد في قوله
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج لة يجبى إليه والخابور
شاده مرمرا وجلله كلسا فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريب المنون فبان ال ملك عنه فبابه مهجور
قال ابن هشام وهذه الأبيات في قصيدة له . والذي ذكره أبو دواد الإيادي في قوله
وأرى المۏت قد تدلى من الحض ر على رب أهله الساطرون
وهذا البيت في قصيدة له. ويقال إنها لخلف الأحمر ويقال لحماد الراوية.
خبر الحضر والساطرون
ذكر فيه قول من قال إن النعمان من ولد الساطرون وهو صاحب الحضر . قال المؤلف فنذكر شرح قصة الحضر وصاحبه وما قيل في ذلك ملخصا بعون الله . الساطرون بالسريانية هو الملك واسم الساطرون الضيزن بن معاوية . قال الطبري هو جرمقاني وقال ابن الكلبي هو قضاعي من العرب الذين تنخوا بالسواد فسموا تنوخ أي أقاموا بها وهم قبائل شتى ونسبه ابن الكلبي فقال هو ابن معاوية بن عبيد ووجدته بخط أبي بحر عبيد بضم العين بن أجرم من بني سليح بن حلوان بن الحاف بن قضاعة وأمه جيهلة وبها كان يعرف وهي أيضا قضاعية من بني تزيد الذين تنسب إليهم الثياب التزيدية . وذكر قول أبي دواد
وأرى المۏت قد تدلى من الحض ر على رب أهله الساطرون
واسم أبي دواد جارية بن حجاج وقيل حنظلة بن شرقي وبعد هذا البيت
صرعته الأيام من بعد ملك ونعيم وجوهر مكنون
كيف استولى سابور على الحضر
وكان كسرى سابور ذو الأكتاف غزا ساطرون ملك الحضر فحصره سنتين فأشرفت بنت ساطرون يوما فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ وكان جميلا فدست إليه أتتزوجني إن فتحت لك باب الحضر فقال نعم فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت إلا سکړان فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب فدخل سابور فقتل ساطرون واستباح الحضر وخربه وسار بها فتزوجها فبينا هي نائمة على فراشها ليلا إذ جعلت تتململ لا تنام فدعا لها بشمع ففتش فراشها فوجد عليه ورقة آس فقال لها سابور أهذا الذي أسهرك قالت نعم قال فما كان أبوك يصنع بك قالت كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير ويطعمني المخ ويسقيني الخمر قال أفكان جزاء أبيك ما صنعت به أنت إلي بذلك أسرع ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس ثم ركض الفرس حتى قټلها ففيه يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة
ألم تر للحضر إذ أهله بنعمي وهل خالد من نعم
أقام به شاهبور الجنو د حولين ټضرب فيه القدم
فلما دعا ربه دعوة أناب إليه فلم ينتقم
وهذه الأبيات في قصيدة له. وقال عدي بن زيد في ذلك
والحضر صابت عليه داهية من فوقه أيد مناكبها
ربية لم توق والدها لحينها إذ أضاع راقبها
إذ غبقته صهباء صافية والخمر وهل يهيم شاربها
فأسلمت أهلها بليلتها تظن أن الرئيس خاطبها
فكان حظ العروس إذ جشر الص بح دماء تجري سبائبها
وخرب الحضر واستبيح وقد أحرق في خدرها مشاجبها
وهذه الأبيات في قصيدة له.
وكان الضيزن من ملوك الطوائف وكان يقدمهم إذا اجتمعوا لحرب عدو من غيرهم وكانت الحضر بين دجلة والفرات وكان ملكه يبلغ أطرار الشام وكان سابور قد تغيب عن العراق
إلى خراسان فأغار الضيزن على بلاده بمن معه من العرب فلما قفل سابور وأخبر بصنع الضيزن نهد إليه وأقام عليه أربع سنين .
وذكر الأعشى في شعره حولين لا يقدر على فتح الحصن وكان للضيزن بنت اسمها النضيرة وفيها قيل
أقفر الحضر من نضيرة فالم رباع منها فجانب الثرثار
وكانت سنتهم في الجارية إذا عركت أي حاضت أخرجوها إلى ربض المدينة فعركت النضيرة فأخرجت إلى ربض الحضر فأشرفت ذات يوم فأبصرت سابور وكان من أجمل الناس فهويته فأرسلت إليه أن يتزوجها وتفتح له الحضر واشترطت عليه والتزم لها ما أرادت ثم اختلف في السبب الذي دلت عليه فقال ابن إسحاق ما في الكتاب وقال المسعودي دلته على نهر واسع اسمه الثرثار كان يدخل منه الماء إلى الحضر فقطع لهم الماء ودخلوا منه .
وقال الطبري دلته على طلسم أو طلسم كان في الحضر وكان في علمهم أنه لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء وتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء ثم ترسل الحمامة فتنزل على سور الحضر فيقع الطلسم فيفتح الحضر ففعل سابور ذلك فاستباح الحضر وأباد قبائل من قضاعة كانوا فيه منهم بنو عبيد رهط الضيزن لم يبق منهم عقب وحړق خزائن الضيزن واكتسح ما فيها ثم قفل بنضيرة معه وذكر الطبري في قټله إياها حين تململت على الفراش الوثير ولين الحرير أنه قال لها ما كان يصنع بك أبوك فقالت كان يطعمني المخ والزبد وشهد أبكار النحل وصفو الخمر .
وذكر أنه كان يرى مخها من صفاء بشرتها وأن ورقة الآس أدمتها في عكنة من عكنها وأن الفراش الذي نامت عليه كان من حرير حشوه القز . وقال المسعودي كان حشوه زغب الطير ثم اتفقوا في صورة قټلها كما ذكر ابن إسحاق غير أن ابن إسحاق قال كان المستبيح للحضر سابور ذو الأكتاف وجعله غير سابور بن أزدشير بن بابك وقد تقدم أن أزدشير هو أول من جمع ملك فارس وأذل ملوك الطوائف حتى دان الملك له والضيزن كان من ملوك الطوائف فيبعد أن تكون هذه القصة لسابور ذي الأكتاف وهو سابور بن هرمز وهو ذو الأكتاف لأنه كان بعد سابور الأكبر بدهر طويل وبينهم ملوك مسمون في كتب التاريخ وهم هرمز بن سابور وبهرام بن هرمز وبهرام بن بهرام وبهرام الثالث ونرسي بن بهرام وبعده كان ابنه سابور ذو الأكتاف والله أعلم .
وقول الأعشى شاهبور الجنود بخفض الدال يدل على أنه ليس بشاهبور ذي الأكتاف وأما إنشاده لأبيات عدي بن زيد
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة يجبى إليه والخابور
فللشعر خبر عجيب. حدثنا إجازة القاضي الحافظ أبو بكر عن ابن أيوب عن البرقاني عن أبي الحسن علي بن عمر قال حدثنا أبو بكر الأزرق يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول قال حدثني جدي قال حدثني أبي عن إسحاق