صړخة على الطريق بقلم ديفنا عمر
نادر بسرد كل الخبايا وجسار ينظر اليه كطفل شريد ينتظر من يرشده لأحباء افترق عنهم.
كنت جراح في مستسفي كبيرة في دولة عربية قضيت فيها كام سنة وكان ليا وضع مهني كبير فيها.. في ليلة كنت لسه مخلص عملية صعبة وطويلة.. كنت سايق وانا مرهق جدا وتقريبا مش شايف قصادي.. الطريق كان تقريبا فاضي..فجأة لمحت من بعيد حاجة خلتني افرمل بسرعة واقف مأخوذ وانا شايف حافلة بتتقلب من منحدر أعلى بيوصل للطريق اللي انا فيها فضلت تتقلب لحد ما رسيت على الاسفلت وطلع منهم دخان واللي وقف قلبي أكتر لما شوفت واحدة جسمها ليندفع بقوة علي الأرض لمسافة مش بعيدة عن الحافلة وهي بتصرخ نزلت بسرعة بعد ما استعادت وعيي اشوفها شوفت حاجة عمري ما صادفتها في حياتي كلها..واحدة بطنها مشقوقة وبتلفظ أنفاسها الأخيرة وخارج منها راس رضيع پيصرخ.. اتجمدت لحظات مذهول وبرتجف رغم اني طبيب.. بس غرابة اللي انا شايفه أذهلني..لما شوفت الډم علي حرف جزء من زجاج الحافلة فهمت ان والدتك وقعت عليه فشق بطنها.. بس لأن ربنا كاتبلك عمر.. الوقعة شقت البطن من غير ما تأذيك.. كأنها اتفتحت بإيد طبيب محترف.. فضلت اسبح لله وانا مذهول من المعجزة اللي انا شايفها.. بصيت حواليا أشوف حد استنجد به كأن العالم كله بقي في غيبوبة ومافيش غير صوت صرختك كأنك بتقولي انقذني وأنين والدته الأخير وهي بتبصلي باستغاثة فطرت قلبي.
تذكرها الجد نادر بصوته وهو يستعيد ما حدث ليواصل سرده بسرعة جريت اجيب شنتطتي الطبية من العربية ورجعت سحبتك وقطعت الحبل السري ولفيتك في الجاكت بتاعي وجريت تاني احطك في العربية
وجيت ارجع عشان أنقذ أمك للأسف الحافلة كلها اڼفجرت وبقيت بركان ڼار مخيف وطبعا والدتك كانت قريبة جدا منها وهي كمان طالتها الڼار واتحرقت بشكل كامل.. عقلي كان واقف من الصدمة سمعت صرختك تاني جريت بيك الحقك يمكن تعيش..لقيت دكتور أطفال صاحبي كان لسه موجود في التوقيت ده شرحتله بسرعة اللي حصل وانا مڼهار هداني وطمني انك هتكون بخير بس لازم تفضل في الحضانة فترة.. بعدها ترقبت أي معلومة عن الحاډث بس ولا حس ولا خبر..
أهذا اول حصاده للحقيقة
والدته توفت! لن يلتقيها مرة أخرى
هاهو شبح اليتم يحاصره من جديد بفقد إحداهما
بعد أن انتعش داخله أمل أن يجد أبويه.
_ومرت الأيام وانا كل يوم معاك براقب جسمك الضعيف في الحضانة وحزين عليك.. حسيت قلبي بيتحرك ناحيتك ويتعلق بيك كل يوم عن التاني لدرجة اني بأنانية بعترف بيها اتغاضيت اني ادور علي أهلك او أبلغ كأن صابتني حالة امتلاك مرضية انك تفضل معايا.. في نفس الفترة دي ابني توفيق كان شغال معايا في نفس البلد وكان فقد جنينه الأول وهو مراته حالتهم النفسية متدمرة فكرت اكتبك علي اسمهم ويربوك بدال اللي راح خصوصا ان حمل إلهام كان عزيز ومش سهل و وارد ماتخلفش تاني..قلت يمكن ربنا كتبلك حياة عشان تكون في وسطينا وتعوضنا.. إلهام رفضت وابني كمان ماحبش الفكرة..قلت يبقي الحل الوحيد اكتبك علي أسمي أنا هما اعترضوا بشدة وبعد جدال مني وتصميمي اني مش هتخلي عنك لأني حبيتك.. وافق توفيق ومراته يكتبوك باسمهم.. وبعد سنتين يشاء ربنا ان إلهام تحمل تاني رغم ان طبيا ده كان يكاد يكون مستحيل.. وطبعا أصبح وجودك عبء عليهم خصوصا إلهام اللي نفرت منك وقالتها صريحة انها مش هتتحمل مسؤليتك وكفاية اوي انها وافقت تتكتب باسمها..ساعتها مكانش في غير حل واحد..اني اخدك وننزل مصر لأن في كل الأحوال انا كنت مش حابب اتغرب اكتر من كده ولا ينفع اسيبك مع حد مش مستعد يتحمل مسؤليتك.. وفعلا نزلت بيك واتوليت رعايتك من كل النواحي.. لما بقيت خلاص حتة مني مش بتفارقني ولا افارقك.. كل يوم كنت تكبر قصادي كنت بحبك أكتر واحس انك بتاعي لوحدي وكل اما ضميري ينغزني اني ادور على أهلك اسكته اقنع نفسي اني هدور علي أبرة في كوم قش.. عارف انك أكيد بتلومني في القرار ده.. بس ده لأنك بقيت بالنسبالي زي النفس اللي بيخرج مني.. قلت ربنا حطك في طريقي تعوضني وحدتي ..أما توفيق ومراته. خلفوا رائف وبقوا ينزلوا علي فترات وكل مرة يأجلوا استقرارهم في مصر.. ده غير ان ألهام كل اما تنزل وتشوفك كانت تعمل مشاكل كنت بداريها عنك وتوفيق يرجع بيها عشان مايعكرش حياتي اللي استقرت معاك..
ثم قبل جبينه بحنان ومازالت عين جسار جامدة زجاجية ولا تعكس جحيمه المستعار داخله شفاهه